الأضحية
يُطلق على ما يُذبح من بهيمة الأنعام أيام عيد الأضحى بنيّة وقصد التقرّب إلى الله -عزّ وجلّ- الأضحية، والأضحية مشروعة في الإسلام بكتاب الله -تعالى- وسنّة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- وإجماع المسلمين أيضاً، حيث قال الله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وأمّا من السنة فقد قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (من ذبح بعد الصلاة فقد تمّ نسكه وأصاب سنة المسلمين)، وثبت كذلك أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ضحّى، وكذلك صحابته رضي الله عنهم، ونُقل الإجماع عن عدد من أهل العلم مشروعيّة الأضحية.
اختلف العلماء في حكم الأضحية إلى قولين؛ أحدهما أنّها سنّة مؤكدة، وهو قول جمهور العلماء واستدلّوا لذلك بقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دخلتِ العَشْرُ، وأراد أحدكم أن يُضحِّيَ، فلا يَمَسَّ من شعرِهِ وبشرِهِ شيئاً)، فقالوا بما أنّ الرّسول -عليه السلام- علّق الأضحية على إرادة الإنسان فهذا يعني أنّها ليست بواجبة، كما استدلّوا أيضاً بما صحّ عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- أنّهما تركا الأضحية حتى لا يظنّ النّاس أنّها واجبة، أمّا القول الثاني وهو قول أبي حنيفة والأوزاعي ورجّحه كذلك ابن عثيمين فهو وجوبها على القادر عليها، واستدلّوا لذلك بفعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حيث ثبت أنّه ضحّى والأصل اقتداء المسلم به، كما استدلوا بحديثه الذي ورد فيه: (مَن كان له سَعَةٌ ولم يُضَحِّ، فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا)، ويُشرع في الأضحية أن تكون عن أهل البيت، حيث صحّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يقول على أضحيته عن محمّد وآل محمّد وأمّة محمّد؛ ممّا يدلّ على جواز دخول أهل بيت المضحّي في أضحيته.
كيفيّة توزيع الأضحية
استحبّ بعض أهل العلم ومنهم: الحنفية والحنابلة أن تُقسّم لحوم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث، فثُلث يكون للمضحّي وأهل بيته، وثُلث يهديه للصديق، وثُلث يتصدّق به على الفقراء والمساكين، أمّا الشافعية فقد رأوا أنّ الأفضل للمضحّي التصدّق بأضحيته جميعها إلّا شيئاً قليلاً يأكله منها، ورأى المالكيّة عدم التحديد في كيفيّة توزيعها، فللمضحّي أن يأكل منها ما يشاء ويتصدّق بما يشاء ويهدي ما يشاء، ودليل ذلك عموم قول الله تعالى: (فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ)، وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (فكلوا وادِّخِروا وتصدَّقوا).
وفيما يتعلّق بأكل المضحّي من أضحيته، فقد رأى عامّة أهل العلم أنّه مسّتحب، فقد حملوا الأمر في الآية الكريمة على الندب لأنّها جاءت بعد حظر مسبق، وبذلك فليس على المضحّي حرج إن لم يأكل من أضحيته وتصدّق بجميعها على الفقراء والمساكين، إلّا أنّ جماعة الظاهر خالفوا في ذلك وقالوا بوجوب الأكل من الأضحية على صاحبها، وأمّا بالإهداء لقريب أو صديق من الأضحية فقد اتفق أهل العلم على استحباب ذلك دون وجوبه، فلا حرج على المضحّي إن لم يهدِ من أضحيته.
وفيما يتعلق بالصدقة من الأضحية، فقد اختلف الفقهاء على قولين؛ الأوّل: وجوب التصدّق بشيء منها وقال بهذا القول الشافعيّة والحنابلة، واستدلّوا له بالأمر الوارد في الآية الكريمة: (فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ)، وقالوا إنّ المضحّي إن لم يتصدّق من أضحيته بشيء لم تُجزئه أضحيته، أمّا المالكيّة والحنفيّة فقد ذهبوا إلى استحباب التصدّق من الأضحية دون وجوب ذلك، وقالوا إنّ الأمر في الآية الكريمة إنّما هو للاستحباب لا للوجوب؛ لأنّ القصد بالأضحية التقرّب إلى الله -تعالى- وليس نفع الفقراء كما في الزكاة، وللفقهاء قول آخر يقضي بأن يأكل المضحّي نصف أضحيته ويتصدّق بنصفها الآخر.
شروط الأضحية
- أن تكون من البقر أو الإبل أو الغنم، وذلك ما يسمّى ببهيمة الأنعام عند العرب.
- أن تُتم من العمر ما حدّده الشرع، وهو الجذع من الضأن والثنيّ من غيره، والجذع ما كان عمره نصف سنة ويُقبل أيضاً في الضأن، والثنيّ ما كان عمره خمس سنوات في الإبل أو سنتين في البقر، وذلك في قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا تَذبَحوا إلّا مُسنَّةً إلّا أنْ يعسُرَ عليكم، فتذبَحوا جَذَعةً مِنَ الضأْنِ).
- أن تخلو من العيوب التي تمنع من الإجزاء؛ وهي أربعة: العَوَر البيّن والمرض البيّن والعرج البيّن والهزال المزيل للمخ، ودليل ذلك قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحي: العوراءُ بَيِّنٌ عورها، والمريضةُ بَيِّنٌ مرضها، والعرجاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، والكسيرُ التي لا تَنْقَى)، ويتبع العيوب الأربعة السابقة ما كان من العيوب مثلها أو أشدّ منها؛ مثل: العمياء، ومقطوعة اليد أو الرجل.
- أن تكون داخلة في مِلْك المضحّي أو أنّ الشرع أو المالك أذنا للمضحّي بها، فالتضحية بما لا يملك الإنسان كالمسروق أو المغصوب غير جائزة؛ لأنّ القصد من الأضحية التقرّب إلى الله، والتقرّب إليه لا يكون بمعصيته.
- أن تُذبح الأضحية في الوقت المحدّد للأضاحي في الشرع، والذي يبدأ بعد صلاة عيد الأضحى يوم النحر ويستمرّ إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق؛ أي اليوم الثالث عشر من ذي الحِجّة، قال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في بيان وقت بدء الأضحية: (إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ بهِ في يومنا هذا أن نصلِّيَ، ثمَّ نرجعَ فننحرَ، من فعلهُ فقد أصابَ سنَّتَنا، ومن ذبحَ قَبلُ فإنَّما هوَ لحمٌ قدَّمهُ لأهلهِ، ليسَ منَ النُّسُكِ في شيءٍ).
المراجع :
- سورة الكوثر، آية: 2.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5546، صحيح.
- "تعريف الأضحية وحكمها"، www.islamqa.info/ar، 2007-12-9، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-5. بتصرّف.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 1977، صحيح.
- رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6490، صحيح.
- عقيل بن سالم الشمري، "ثمانون مسألة في أحكام الأضحية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-5. بتصرّف.
- سورة الحج، آية: 28.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن وقدان بن السعدي، الصفحة أو الرقم: 1971، صحيح.
- أ ب ت خالد بن سعود البليهد، "كيفية توزيع الأضحية"،
- خالد بن سعود البليهد، "كيفية توزيع الأضحية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-5. بتصرّف.
- "السنة في تقسيم الأضحية"، www.fatwa.islamweb.net، 2007-1-15، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-5. بتصرّف.
- "شروط الأضحية"، www.islamqa.info/ar، 2003-2-10، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-5. بتصرّف.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1963، صحيح.
- رواه النووي، في شرح مسلم، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 13/120، صحيح.
- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 5545، صحيح.